في قديم الزمان
حيث لم يكن على الأرض بشر بعد ... كانت الفضائل والرذائل تطوف العالم معا ...وتشعر بالملل الشديد ... ذات يوم
وكحل لمشكلة الملل المستعصية... اقترح الإبداع لعبة وأسماها الأستغماية... أحب الجميع الفكرة... وصرخ الجنون:
أريد أن أبدأ.. أريد أن أبدأ... أنا من سيغمض عينيه ويبدأ العد... وأنتم عليكم بدء الاختفاء... ثم أنه اتكأ بمرفقيه على
شجرة.. وبدأ العد... واحد... اثنين... ثلاثة... وبدأت الفضائل والرذائل بالاختباء... اختبأ الإبداع خلف الشجرة التي اتكأ
عليها الجنون ... وجدت الرقة مكانا لنفسها فوق الجبل... وأخفت الخيانة نفسها في كومة قمامة ... واختبأ الغدر بين
الغيوم... بعد أن دفع الشوق منها واخذ مكانه ...ليسقط الشوق إلى باطن الأرض متألما... بينما دلف الشك بين
الأشواك .. واختبأ الحسد ثم تبعته الغيرة داخل النار واختبأ الكذب في قاع البحيرة... وتوارى الضلال في الظلام ثم جذب
الجهل الذي لم يعرف أين يختبئ ليختبئ معه...بينما أخفى الخجل نفسه بين أوراق الأشجار ... وتوقفت القسوة عن
الحركة متظاهرة بأنها صخرة ... واستمر الجنون: تسعة وسبعون... ثمانون... واحد وثمانون...خلال ذلك أتمت كل
الفضائل والرذائل تخفيها.. ماعدا الحب... كعادته دائما لا يستطيع التفكير .. وبالتالي لم يقرر أين سيختفي...لم تتعجب
الفضائل والرذائل من ذلك.. فهم يعلمون جيدا انه من المستحيل علي الحب أن يخفي نفسه.. تابع الجنون: ستة
وتسعون... سبعة وتسعون... وعندما وصل الجنون في تعداده إلى: المائة قفز الحب وسط حديقة من الزهور واختفى
بداخلها... فتح الجنون عينيه.. وبدأ البحث صائحا : أنا آت إليكم... أنا آت إليكم... كان الكسل أول من أنكشف... لأنه لم
يبذل أي جهد في إخفاء نفسه.. ثم ظهرت الرقّة المختفية فوق الجبل... وبعدها.. خرج الكذب من قاع البحيرة مقطوع
الأنفاس... وأشارت الخيانة بعد أن انكشفت للجنون على الشوق في باطن الأرض... وجدهم الجنون جميعا.. واحدا بعد
الآخر... وقد أثرت فيهم أماكن اختفائهم ... فأصبحت الرقة كالنسيم ..وخرجت الخيانة عفنة الرائحة ... وخرج الغدر من
بين الغيوم وقد اخفت الغيوم ملامحه ... بينما خرج الشوق جريحا من جراء سقوطه ولم يكف عن التأوه ... وخرج الشك
وقد علقت به بعض الأشواك يجرح كل من يلمسه... والحسد والغيرة ارتفعت حرارتهما وصارا يحرقان كل من
يلمسهما... وأصبح الكذب يلهث دائما ولا يقوى علي الصمود طويلا ... ولم يعد يقوي الضلال علي رؤية النور ...
وأصبح الجهل صديقا للضلال ولم يعد يستطيع مفارقته ... وضاعت ثقة الخجل في نفسه عندما انكشف ... وجدهم
الجنون جميعا.. ماعدا الحب... كاد يصاب بالإحباط واليأس.. في بحثه عن الحب... حين اقترب منه الحسد وهمس في
أذنه:الحب مختبئ في حديقة الزهور... التقط الجنون شوكة خشبية أشبه بالرمح.. وبدأ في طعن حديقة الزهور بشكل
طائش ... ولم يتوقف إلا عندما سمع صوت بكاء يمزق القلوب... ظهر الحب.. وهو يحجب عينيه بيديه.. والدم يقطر
من بين أصابعه... صاح الجنون نادما: يا الهي ماذا فعلت؟...ماذا أفعل كي أصحح خطئي بعد أن أفقدتك البصر ؟...
أجابه الحب: لن تستطيع إعادة النظر لي..لكن لازال هناك ما تستطيع فعله لأجلي..كن دليلي...
وهذا ما كان إلي يومنا هذا... يمضي الحب الأعمى... يقوده الجنون
موضوع: فكرت الاستغماية و مامرت الخير والشر على الحب 
الجمعة سبتمبر 28, 2007 7:07 am
